بسم الله الرحمن الرحيم ..
" قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ"
لمن يقول إن الإعجاز البياني للقرآن لم يكن معروفاً فى القرن الأول ، أو لمن يريد أن يوحي أن العرب كانت تستطيع أن تأتي بمثل هذا القرآن لأنها لغتهم ..
نقول له : تعلم كيف تتذوق .. صحيح أن القرآن من جنس كلام العرب لكن نظمه ودقته وتموج معانيه وتناغم ألفاظه هو الإعجاز بعينه ، ولا يمكن لأي من البشر أن يجلس بالساعات لكي يفكر أن يضع كلمة محل أخرى أو تلك محل هذه حتى يعطيك مثل هذا العقد الفريد المنظوم من لآليء بلاغية ولو كان أفصح العرب.
الوجه الأول في تنكير أحد وتعريف الصمد ..
اعرب "قل هو الله أحد" :
قل : فعل أمــــــــر
هو : مبتدأ
الله : خبر
أحد : صفة لله .. والبعض يعربها خبر ثان.
(هو الله) معرّفتين وعندما يكون المبتدأ والخبر معرّفين يفيد الحصر .. بمعنى أن من يشير إليه بلفظ (هو) لا شيء إلا (الله).
وتنكير (أحد) له قاعدة عامة تقول :
النكرة إذا وردت في سياق الأمــر فإنها تفيد الإطلاق.
يعني إيه ؟
(هو الله) أفادت أنى أحصر كلامى فى (الله) الذى له (الأحدية) على إطلاقها وبما تحمله من جميع معاني التفرد.
كقول الله تعالى : إن مع العسر يسرا ... أفاد أن (العسر) محصور مقيد لكن معه يسر مطلق لا حد له.
الله الصمد : هو تخصيص الله تعالى بصفة الصمدية.
وجاء لفظ (الصمد) معرّفاً لتوضيح أن معانى الصمدية عديدة ، قد يتوهم المرء أن هناك ممن يمكن أن يكون صمداً مع الله ، لكنه بتعريفها حصرها هي الأخرى فى الله تعالى. بمعنى (الله الصمد) لا أحد غيره.
نوجز ما سبق فنقول :
"هو الله أحد" يدل على أن صفة (الأحدية) مطلقة وهي محصورة بالله.
"الله الصمد" يدل على الحصر أيضا لتعريف المبتدأ والخبر (والصمدانية محصورة بالله ).
الوجه الثاني في تنكير أحد وتعريف الصمد ..
من عجيب التوافق بين اللفظ القرآني واستعماله لتوضيح المعنى ..
أن الأحدية صفة لا نستطيع أن نتفهمها نحن البشر في هذا العالم المتعدد.
فكونك تقول : إن الله سبحانه (أحد) لا يقبل الانقسام فى ذاته وفي صفاته ، صعبة على الفهم ولا يمكن تخيلها أو تحديدها أو إعطاء مفردات لها تحل محلها ، فهي نكرة في تصوراتنا وجاءت نكرة فى السياق.
أما الصمدية : فمعروفة وليست مجهولة ، وجاءت كلمة (الصمد) معرّفة.
الله أحد أم الله واحد
يمكن للواحد أن يتركب من أجزاء ، فالسيارة (واحدة) لكنها تتركب من ................
أما الأحد فهو واحد فى كل شيء ، أحد الجوهر والصفات ليس له مثيل ولا شبيه.