يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله عز وجل في شأن المسيح بن مريم صلي الله عليه وسلم
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) آل عمران
وقد يشكل معني هذه الايه الكريمه علي البعض وقد يظنه من لا علم له - كبعض القساوسه - انه دليل علي صلب المسيح من القرآن !!!
لذا اضع بين ايديكم تفسير مختصر لفضليه الشيخ محمد بن صالح العثيمين من كتابه الماتع شرح العقيده الواسطيه لشيخ الاسلام احمد بن تيميه رضي الله عنه :
قوله : ) يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) {آل عمران: 55}
* الخطاب لعيسى بن مريم الذي خلقه الله من أم بلا أب ، ولهذا ينسب إلى أمه ، فيقال : عيسى بن مريم.
يقول الله : (إني متوفيك) : ذكر العلماء فيها ثلاثة أقوال:
القول الأول: (متوفيك) ؛ بمعنى قابضك ، ومنه قولهم : توفى حقه؛
أي: قبضه.
القول الثاني: (متوفيك) : منيمك ؛ لأن النوم وفاة ؛ كما عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ: )وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمّىً) (الأنعام:60)
القول الثالث: أنه وفاة موت: (متوفيك): مميتك ، ومنه قوله تعالى: )اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ){الزمر : 42}
والقول بأن ]متوفيك[ متوفيك بمعنى مميتك بعيد؛ لأن عيسى عليه السلام لم يمت، وسينزل في آخر الزمان ؛ قال الله تعالى: )وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ){النساء: 159} ؛ أي : قبل موت عيسى على أحد القولين، وذلك إذا نزل في آخر الزمان . وقيل : قبل موت الواحد ؛ يعني : ما من أحد من أهل الكتاب إلا إذا حضرته الوفاة ؛ آمن بعيسى ، حتى وإن كان يهودياً . وهذا القول ضعيف.
بقي النظر بين وفاة القبض ووفاة النوم ، فنقول : إنه يمكن أن يجمع بينهما فيكون قابضاً له حال نومه ؛ أي أن الله تعالى ألقى عليه النوم؛ ثم رفعه ، ولا منافاة بين الأمرين.
قوله: (ورافعك إلى( : الشاهد هنا ؛ فإن (إلي) تفيد الغاية ، وقوله: (ورافعك إلي)
يدل على أن المرفوع إليه كان عالياً، وهذا يدل على علو الله عز وجل.
فلو قال قائل : المراد : رافعك منزلة ؛ كما قال الله تعالى : ) وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ){آل عمران: 45}.
قلنا هذا لا يستقيم ؛ لأن الرفع هنا عدى بحرف يختص بالرفع الذي هو الفوقية؛ رفع الجسد، وليس رفع المنزلة.
انتهي .