لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم شبهة ورد
بسم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
قال هداه الله إلى الحق :
تسألوا اقتباس تسألوا تسألوا إن الإسلام دين ضعيف ، وهو شرع لا يمكن للعقل أن يتقبله ، ولا يمكن للفطرة السليمة أن تستسيغه ، والدليل على ذلك أنه نهى عن السؤال عن أي شيء في الإسلام ،فقال : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ( فهو يجبر العقول ولا يعملها ويأمرها أن لا تسأل ولا تبحث بل ترضى وتقنع وتخضع للأمر . تسألوا تسألوا
الرد :
نسأل الله الهداية لنا وللمعترض حيث أنه رمانا بدائه وانسلّ .. فالكتاب المقدس هو من أمر بتعطيل العقل وليس القرآن .
بداية الرد سأتعرض للآيات التي خاطب فيها القرآن العقل وأمر بالتفكير والبحث والتعقل :
تسألوا :
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ( البقرة 219 )
كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (البقرة 242 )
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ ( آل عمران 109 )
هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (إبراهيم 52 )
لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( الأنبياء 10 )
أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ( الأنبياء 67 )
إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ( الزخرف 3 )
فالقرآن الكريم أمر بالتفكر والتعقل واستخدم مصطلح " أولوا الألباب " ( أي أولي العقول ) في أكثر من موضع .
ثم نقول إن المعترض – هداه الله للحق – فسر الآية برأيه ونظره وأنّى يكون له ذلك ، لذلك فلنرجع إلى كتب التفسير للقرآن الكريم ، ولننظر ما معنى هذه الآية الكريمة .
أقوال المفسرين في هذه الآية :
القول الأول : أن بعض أهل المدينة كان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأشياء استهزاءً منه كأن يقول أين ناقتي الآن ؟ ومن أبي ؟ ونحو ذلك امتحاناً منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واختباراً له ، فنزلت هذه الآية في تحريم هذا النوع من السؤال ..
قال الطبري رحمه الله في ذكر ما قاله أصحاب هذا القول (تفسير الطبري :11/98) :
"قال أبو جعفر: ذكر أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب مسائل كان يسألها إياه أقوام، امتحانًا له أحيانًا، واستهزاءً أحيانًا. فيقول له بعضهم:"من أبي"؟ ويقول له بعضهم إذا ضلت ناقته:"أين ناقتي"؟ فقال لهم تعالى ذكره: لا تسألوا عن أشياءَ من ذلك = كمسألة عبد الله بن حُذافة إياه من أبوه="إن تبد لكم تسؤكم"، يقول: إن أبدينا لكم حقيقة ما تسألون عنه، ساءكم إبداؤها وإظهارها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك تظاهرت الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم."
قال الحسن البصري رحمه الله :
" سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمور الجاهلية التي عفا الله عنها، ولا وجه للسؤال عما عفا الله عنه." ( القرطبي 6/330)
قال البغوي رحمه الله ( تفسير البغوي 3/105 ) :
"أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا الفضل بن سهل أخبرنا أبو النضر أنا أبو خيثمة أنا أبو جويرية عن ابن عباس قال: كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } حتى فرغ من الآية كلها"
ثم أورد الأخبار التي تواترت بهذا القول ونأخذ منها على سبيل المثال لا الحصر :
حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا حفص بن بُغَيل قال ، حدثنا زهير بن معاوية قال ، حدثنا أبو الجويرية قال : قال ابن عباس لأعرابيّ من بني سليم: هل تدري فيما أنزلت هذه الآية:"يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" ؟= حتى فرغ من الآية، فقال: كان قوم يسألون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم استهزاء، فيقول الرجل:"من أبي"؟ = والرجل تضل ناقته فيقول:"أين ناقتي"؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية.
القول الثاني : قبل أن نذكر قولهم سأبين مسألة بسيطة :
في الإسلام العظيم توجد أمور محرمة وتوجد أمور مباحة والأصل في الأمور الإباحة حتى يأتي الدليل في تحريمها ، فإذا لم يوجد دليل على تحريم الشيء فهو مباح وهو مما عفا الله عنه .
فهنا قال المفسرون بأن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا عن المباح الذي عفا الله عنه ، فإن أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من رتبة المباح إلى الواجب أو المحرم ، كسؤالهم : هل الحج واجب كل عام ؟ فلو قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم لوجب الحج.
فجاءت هذه الآية لتحريم السؤال عن المعفي عنه حتى لا ينتقل من رتبة المباح إلى الواجب أو المحرم ، وهذا من رحمة الله بهم .
ذكر من قال بذلك من أهل التفسير :
الطبري ( تفسير الطبري 11/112):
"وأولى الأقوال بالصواب في ذلك، قولُ من قال: نزلت هذه الآية من أجل إكثار السائلين رسولَ الله صلى الله عليه وسلم المسائلَ، كمسألة ابن حذافة إياه مَن أبوه، ومسألة سائله إذ قال:"الله فرض عليكم الحج"، أفي كل عام؟ وما أشبه ذلك من المسائل، لتظاهر الأخبار بذلك عن الصحابة والتابعين وعامة أهل التأويل."
ومن الروايات التي تدل على هذا القول :
"حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن إبراهيم بن مسلم الهَجَرِيّ، عن أبي عياض، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب عليكم الحج" فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، حتى عاد مرتين أو ثلاثًا، فقال: "من السائل؟" فقال: فلان. فقال: "والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم لوَجَبَتْ، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم"، فأنزل الله، عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } حتى ختم الآية."
الآن نرى أن ليس في أقوال المفسرين ما يدل على النهي عن السؤال عن أمر الدين ، فالوحي انقطع بموت خاتم الأنبياء والمرسلين ، والسؤال الآن صار واجباً .
ولننظر إلى رد المفسرين على من قال أن هذه الآية تحرم السؤال عن الدين :
قال القرطبي رحمه الله ( تفسير القرطبي 6/332):
"قال ابن العربي: اعتقد قوم من الغافلين تحريم أسئلة النوازل حتى تقع تعلقا بهذه الآية وليس كذلك، لان هذه الآية مصرحة بأن السؤال المنهي عنه إنما كان فيما تقع المساءة في جوابه، ولا مساءة في جواب نوازل الوقت فافترقا."
"قال ابن عبد البر: السؤال اليوم لا يخاف منه أن ينزل تحريم ولا تحليل من أجله، فمن سأل مستفهما راغبا في العلم ونفي الجهل عن نفسه، باحثا عن معنى يجب الوقوف في الديانة عليه، فلا بأس به، فشفاء العي السؤال، ومن سأل متعنتا غير متفقه ولا متعلم فهو الذي لا يحل قليل سؤاله ولا كثيره."
قال الإمام السعدي في تفسيره (1/245) :
"ينهى عباده المؤمنين عن سؤال الأشياء التي إذا بينت لهم ساءتهم وأحزنتهم، وذلك كسؤال بعض المسلمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم، وعن حالهم في الجنة أو النار، فهذا ربما أنه لو بين للسائل لم يكن له فيه خير، وكسؤالهم للأمور غير الواقعة.
وكالسؤال الذي يترتب عليه تشديدات في الشرع ربما أحرجت الأمة، وكالسؤال عما لا يعني، فهذه الأسئلة، وما أشبهها هي المنهي عنها، وأما السؤال الذي لا يترتب عليه شيء من ذلك فهذا مأمور به"
قال الخطابي : " هذا فيمن سأل تكلفا أو تعنتا فيما لا حاجة به إليه . فأما من سأل لضرورة , بأن وقعت له مسألة , فسأل عنها , فلا إثم عليه , ولا عتب "
فتبين لنا من هذا أن السؤال مأمور به وتبين لنا معنى الآية وتبين لنا أن الآية لم تنهَ عن السؤال عن أمر الدين .
بعد ذلك أريد أن أبين للسائل بأن كتابه هو الذي أمره بتعطيل عقله وليس الإسلام العظيم:
[ الفــــانـــدايك ]-[ Jb:11:12 ]-[ اما الرجل ففارغ عديم الفهم وكجحش الفراء يولد الانسان ]
[ الفــــانـــدايك ]-[ Jb:25:6 ]-[ فكم بالحري الانسان الرمّة وابن آدم الدود ]
[ الفــــانـــدايك ]-[ Eccl:3:19 ]-[ لان ما يحدث لبني البشر يحدث للبهيمة وحادثة واحدة لهم.موت هذا كموت ذاك ونسمة واحدة للكل فليس للإنسان مزية على البهيمة لان كليهما باطل. ]
[ الفــــانـــدايك ]-[ Phil:2:14 ]-[ افعلوا كل شيء بلا دمدمة ولا مجادلة ]
[ الفــــانـــدايك ]-[ Prv:3:5 ]-[ توكل على الرب بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. ]
هذا ختام الرد ، واللهَ أسأل أن يعلي به الحق ، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد