الناســــــخ والمنســـــــوخ
بيان وقوع النسخ في الكتاب المقدس بين عهديه القديم والجديد أو في نفس العهد أو السفر
إن من الأمور التي يحملها النصارى على القرآن ويسبب لهم قلق شديد هو مسألة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم , ويحاولون بشتى السبل الطعن بالقرآن الكريم من خلاله يجهلون ان النسخ وقع في كتابهم اكثر مما وقع في القرآن الكريم ، ولا أدري هل جهل القوم أم أنهم يتجاهلون ما ورد من الناسخ والمنسوخ في كتابهم ؟؟؟ أم أنهم لا يفهمون أساساً معنى الناسخ والمنسوخ ؟؟؟ إن مئات الأحكام الواردة في الكتاب المقدس كتحريم الخنزير والموسيقي ورجم الزانية وقتل المرتد وقطع يد السارق وحكم يوم السبت والختان والقسم والطلاق وغيرها من الأحكام المنسوخة في العهد الجديد لا ينظر إليها النصارى وينظرون للناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم !!! بل الفضيحة الكبرى ان نقطة اعتراضهم حول الناسخ والمنسوخ هو قولهم ان الرب عندما ينسخ حكما فهذا دليلا على انه اكتشف خطأه في الحكم السابق وطبعا لا دليل لهم على ذلك ... الفضيحة الكبرى هي ان كتبهم تقرر ندم الرب بعد اكتشافه لأخطاءه في نصوص كثيرة لا تعد ولا تحصى من الكتاب المقدس .. أفلا يستحون ؟؟ افلا يخجلون بعد ذلك ؟؟ ...
إن للناسخ والمنسوخ أصول وقواعد وأسس لا نجد الكتاب المقدس يلتزم بها ولم نورد هذا الموضوع فقط إلا لأن النصارى دائماً ما يتغنون ويجلجلون بقصة الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم . فالنسخ عندنا لا يكون في الأخبار كقصص الأنبياء مثلاً أو الأحداث , ولا يكون في العقائد كوجوب الإيمان بالله أو الرسل أو الملائكة أو الكتب , أو كفر من أشرك بالله , أو في صفات الله , أو في الأحكام الأبدية كقوله سبحانه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }النور4 , بينما يكون النسخ عندنا في الأحكام الشرعية التي يستوجب بها تربية نفوس الأمة فيأتي حكم للأمة لوقت معين ولسبب معين في حالة معينة حتى إذا إنتهى هذا الزمان أنزل الله حكماً آخر يناسب حال الأمة فهو سبحانه أدرى وأعلم بالأصلح للناس وهو أعلم بنفوس عباده ,
ونحن نقول أنه تربية لنفوس الأمة وإخراجها من طور إلى طور ومن مرحلة إلى مرحلة مع تربية هذه النفوس أثناء رحلتها من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الإسلام والإيمان , فيكسر بذلك عادات وتقاليد رسخت في النفوس وتربت عليها تلك النفوس حتى إذا إستقاموا في الصف خلف رسول الله r قال اليوم أكلمت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا .
إذاً فالناسخ والمنسوخ هو إستبدال حكم شرعي مكان حكم شرعي آخر فيلغي العمل بسابقه وبأمر من الله I , والله يعلم مسبقاً أن هذا الحكم هو لفترة مؤقتة يكون العمل به لزمان معين وفي ظرف معين حتى يستبدله الله بحكم دائم لا يستبدل ولا يتغير , ونحن لا نقول في الله سبحانه وتعالى كما يقول اليهود والنصارى بالبداء ( أي أنه بدا له ما لم يكن يعلم فعلمه والعياذ بالله أو أن الله يغير رأيه لأمر بدا له لم يكن بادياً له من قبل ) , فمن قال عندنا بهذا فقد خرج من ملة الإسلام , فالمسلمين لا يقولون بذلك كما يقول النصارى واليهود في كتبهم وقد أثبتنا ذلك في باب صفات الرب بما يغني عن إعادته هنا .
والناسخ والمنسوخ عندنا كما قلنا لا نقول أنه نشأ عن نقص في معرفة الرب سبحانه وتعالى , لا ,فهذا كفر ولكن نقول أنه بعلمه المسبق عنده من الأحكام لكل زمان ما يصلح به حال الأمة ولكنه سبحانه علم أن هذا الحكم هو لفترة معينة ولظرف معين بعدها ينتهي العمل بهذا الحكم وليس إلزاماً على الله I أن يبلغ البشر أن هذا الحكم قاصر على فترة معينة أو أن إنتهاء العمل به سيكون بعد زمن معين أو ظرف معين فالله I يتصرف بحكمته في خلقه ولا يلزمه أحد من عباده , ولكن النصارى في كتبهم يصفون الأحكام والأوامر المنسوخة عندهم أنها عجز ونقص وأنها أوامر شيطانية وأنها أمور عجائزية دنسة فانية غير صالحة وأن من يتبع هذه الأحكام فهو مرتد عن الإيمان كما يقول بولس كبيرهم الذي علمهم في رسالته الأولى إلى أهل تيماثوس إقرأ ما يقوله الإصحاح 4 عدد 1-7 :
1تيماثوس4 عدد1: ولكن الروح يقول صريحا انه في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة وتعاليم شياطين (2) في رياء اقوال كاذبة موسومة ضمائرهم (3) مانعين عن الزواج وآمرين ان يمتنع عن اطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين وعارفي الحق. (4) لان كل خليقة الله جيده ولا يرفض شيء اذا اخذ مع الشكر (5) لانه يقدس بكلمة الله والصلاة. (6) ان فكّرت الاخوة بهذا تكون خادما صالحا ليسوع المسيح متربيا بكلام الايمان والتعليم الحسن الذي تتبّعته. (7) واما الخرافات الدنسة العجائزية فارفضها وروّض نفسك للتقوى. (SVD)
لم يقتصر الأمر عندهم على الناسخ والمنسوخ فقط بل إن بولس نفسه نسخ ناموس موسى كله وألغاه وحث الناس على ترك ناموس موسى والختان وهو عهد أبدي والسبت وهو أيضاً عهد أبدي والناموس أيها الساده هو الذي قال المسيح ما جئت لأنقضه بل لأكمله راجع قول بولس في غلاطية وغيره الكثير الكثير من الأقوال التي يحث الناس فيها على ترك الناموس والتمرد عليه, المسيح يقول ما جئت لأنقض بل لأكمل وبولس يرفض الناموس كله وينسخ كل أحكامه أنظر ماذا يقول في غلاطية 5 عدد4 :
غلاطية 5عدد4: قد تبطلتم عن المسيح أيها الذين تتبررون بالناموس.سقطتم من النعمة (SVD)
ولقد ورد في كتابهم أيضاً ما يبيح النسخ ويؤكده بقول عبرانين 7 عدد18-19 كما يلي :
عبرانين 7 عدد 18: فانه يصير ابطال الوصية السابقة من اجل ضعفها وعدم نفعها. (19) اذ الناموس لم يكمل شيئا.ولكن يصير ادخال رجاء افضل به نقترب الى الله. (SVD)
ولم ينتبه أحد من النصارى لهذا النص في الأمثال 28 عدد4 ؟؟؟؟؟
أمثال 28 عدد 4: تاركو الشريعة يمدحون الاشرار وحافظو الشريعة يخاصمونهم. (SVD)
إليكم بعض وأقول بعض وليس كل النصوص والأحكام التي نسخت في العهد الجديد ولتحكموا بأنفسكم على ذلك وتنظروا هل المسيح جاء فعلا لينقض أم ليكمل ؟؟
والنسخ قسمان : قسم يكون في شريعة نبي لاحق لحكم كان في شريعة نبي سابق ، وقسم يكون في شريعة النبي نفسه .
وهذه أمثلة النسخ الذي يكون في شريعة نبي لاحق لحكم كان في شريعة نبي سابق :-
1- زواج الأخوة بالأخوات في عهد آدم عليه السلام :-
تزوج إبراهيم عليه السلام من أخته سارة , كما جاء في سفر التكوين 20 عدد 12 : وبالحقيقة ايضا هي اختي ابنة ابي.غير انها ليست ابنة امي.فصارت لي زوجة
ونكاح الأخت محرم في الشريعة الموسوية ومساو للزنا والناكح ملعون وقتل الزوجين واجب ، كما جاء في سفر اللاويين 18 : 9 " لاَ تَتَزَوَّجْ أُخْتَكَ بِنْتَ أَبِيكَ، أَوْ بِنْتَ أُمِّكَ، سَوَاءٌ وُلِدَتْ فِي الْبَيْتِ أَمْ بَعِيداً عَنْهُ، وَلاَ تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا."
وفي 20 عدد 17 من اللاويين نفسه : إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ أُخْتَهُ، ابْنَةَ أَبِيهِ أَوِ ابْنَةَ أُمِّهِ، فَذَلِكَ عَارٌ، وَيَجِبُ أَنْ يُسْتَأْصَلاَ عَلَى مَشْهَدٍ مِنْ أَبْنَاءِ شَعْبِهِ، لأَنَّهُ قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ، وَيُعَاقَبُ بِذَنْبِهِ"
وفي التثنية27 عدد 22 : مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ يُضَاجِعُ أُخْتَهُ ابْنَةَ أُمِّهِ أَوِ ابْنَةَ أَبِيهِ. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِين."
فلو لم يكن هذا النكاح جائزاً في شريعة آدم وإبراهيم عليهما السلام يلزم أن يكون الناس كلهم أولاد زنا ، والناكحين زناة وواجب قتلهما وملعونين ، فكيف يُظن هذا في حق الأنبياء عليهم السلام ؟ فلا بد من الاعتراف بأنه كان جائزاً في شريعتهما ثم نُسخ .