وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا
قوله تعالى
(وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ)12 التحريم
في هذه الإية نقطتان
# إحصان الفرج --هل هو بمعنى الفرج الحقيقي؟؟
أم هو بمعنى فروج الثوب أي فتحاته؟
# كونها من القانتين وهي أنثى --فلم لم يقل من القانتات ؟؟
-------------------------------------------------------------------------------
أمّا إحصان الفرج هنا بمعنى فتحة الثوب---وهو مدح بالكناية دلالة على الطهر والنقاء--فالثوب المحصن فتحاته أو جيوبه يدل ذلك على نقاء وطهر صاحبه
قال إبن عطية في المحرر الوجيز (واختلف الناس في الفرج الذي أحصنت مريم، فقال الجمهور: هو فرج الدرع الذي كان عليها، وأنها كانت صينة، وأن جبريل عليه السلام: نفخ فيها الروح من جيب الدرع، وقال قوم من المتأولين: هو الفرج الجارحة، فلفظة { أحصنت }: إذا كان فرج الجارحة متمكناً حقيقة، والإحصان: صونه، وفيه هي مستعملة، وإذا قدرنا فرج الدرع فلفظ { أحصنت } فيه مستعارة من حيث صانته، ومن حيث صار مسلكاً لولدها، ))
وفي رأيي أن القائلين بالفرج الجارحة هنا على خطأ بين فالقرآن الكريم عند تناوله موضوع الفرج الجارحة يتناوله بطريقة عالية من الأدب الراقي من حيث استخدامه للرمز--ولا يمكن أن يخالف هنا فيكون الكلام عن نفخ في فرج حقيقي ظاهرا مكشوفا
أمّا قوله (وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ) فعلى الأرجح أنه نسبها إلى حال أهلها وعائلتهامن كونهم من القانتين فهي من هؤلاء الموصوفين بالقانتين فاقتضى استخدام جمع المذكر تغليبا وإشارة على أنّ عبادتها في نفس مستوى عبادة الرجال عموما
قال أبو السعود في تفسيره ({ وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَـٰنِتِينَ } أي من عدادِ المواظبـينَ على الطاعةِ، والتذكيرُ للتغليبِ والإشعارِ بأنَّ طاعتها لم تقصُرْ عنْ طاعاتِ الرجالِ حتى عُدَّت مِنْ جُملَتهم أو مِنْ نَسلِهِم لأنَّها من أعقابِ هارونَ أخِي مُوسى عليهما السلامُ.)) _
قوله تعالى: "ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها" أي حفظته وصانته, والإحصان هو العفاف والحرية "فنفخنا فيه من روحنا" أي بواسطة الملك وهو جبريل فإن الله بعثه إليها فتمثل لها في صورة بشر سوي, وأمره الله تعالى أن ينفخ بفيه في جيب درعها, فنزلت النفخة فولجت في فرجها فكان منه الحمل بعيسى عليه السلام, ولهذا قال تعالى: "فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه" أي بقدره وشرعه "وكانت من القانتين" قال الإمام أحمد: حدثنا يونس, حدثنا داود بن أبي الفرات عن علباء عن عكرمة عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة خطوط وقال: "أتدرون ما هذا ؟"
قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون".
وقد ثبت في الصحيحين من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة الهمداني عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران وخديجة بنت خويلد, وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".